المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الأحزاب» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) [الآية ٤].
يقال : ظاهر من امرأته وتظاهر وتظهّر ، وهو أن يقول لها : أنت عليّ كظهر أمّي. وكانت العرب تطلّق نساءها في الجاهليّة بهذا اللفظ ، فلمّا جاء الإسلام نهوا عنه ، وأوجبت الكفّارة على من ظاهر من امرأته.
أقول : وهذا شيء من إفادة العربية من أعضاء الجسم في توليد هذا المصطلح. ومن ذلك أيضا قوله تعالى :
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) [الآية ٢٦].
أي : أعانوهم.
أقول : وهذه «المظاهرة» الّتي تعني الإعانة والمساعدة ، ليست بعيدة عن الأصل ، الّذي ولّدت منه ، وهو «الظهر» كأن الإعانة في هذا الفعل أن تكون «ظهيرا» ، أي : مساعدا لغيرك.
٢ ـ وقال تعالى : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠)).
أقول : والوجه في العربية أن يقال :
وتظنّون بالله الظنون ، لمكان الألف واللام في الكلام ، ولا تأتي ألف الإطلاق إلّا مع النكرة.
ولم يلجأ إلى هذا إلّا لمراعاة الفواصل ، لتجيء عدّة الآيات على نسق متجانس في الكلم وفي الأبنية.
٣ ـ وقال تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) [الآية ١٨].
و (الْمُعَوِّقِينَ) في الآية هم المثبّطون
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.