المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الأحزاب» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) [الآية ١] ولم يقل يا محمّد كما قال تعالى : يا موسى ، يا عيسى ، يا داود ونحوه؟
قلنا : إنّما عدل عن ندائه باسمه إلى ندائه بالنبيّ والرّسول ، إجلالا له وتعظيما ، كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) [المائدة : ٦٧].
فإن قيل : لو كان ذلك كما ذكرتم ، لعدل عن اسمه إلى نعته في الإخبار عنه ، كما عدل في النّداء في قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) [الفتح : ٢٩] وقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران : ١٤٤].
قلنا : إنّما عدل عن نعته في هذين الموضعين لتعليم النّاس أنه رسول الله ، وتلقينهم أن يسمّوه بذلك ، ويدعوه به ؛ ولذلك ذكره بنعته لا باسمه في غير هذين الموضعين من مواضع الإخبار ، كما ذكره في النداء : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] ، (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الآية ٢١] ، (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] ، (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الآية : ٦] ، (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [الآية ٥٦] ، (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِ) [المائدة : ٨١] ونظائره كثيره.
فإن قيل : ما الحكمة من ذكر الجوف في قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [الآية ٤]؟
قلنا : قد سبق مثل هذا السؤال
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.