قلنا : إن شاء تعذيبهم بإماتتهم على النّفاق. وقيل معناه إن شاء ذلك ، وقد شاءه.
فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الآية ٢١]؟
قلنا : فيه وجهان. أحدهما أنّه (ص) نفسه أسوة حسنة : أي قدوة ، والأسوة اسم للمتأسّى به : أي المقتدى به ، كما نقول في البيضة عشرون منا حديدا : أي هي في نفسها هذا المقدار. الثاني : أنّ فيه خصلة من حقّها أن يؤتسى بها وتتبّع ، وهي مواساته بنفسه أصحابه وصبره على الجهاد ، وثباته يوم أحد حين كسرت رباعيته ، وشجّ وجهه الشريف.
فإن قيل : لم أظهر تعالى الاسمين مع تقدّم ذكرهما في قوله تعالى : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) [الآية ٢٢]؟
قلنا : لئلّا يكون الضمير الواحد ، عائدا على الله تعالى وغيره.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف بني قريظة : (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) [الآية ٢٧] والله تعالى إنّما ملّكهم أرضهم بعد ما وطئوها وظهروا عليها؟
قلنا : معناه أوّلا : ويورثكم بطريق وضع الماضي موضع المستقبل ، مبالغة في تحقيق الموعود وتأكيده. ثانيا : أنّ فيه إضمارا تقديره : وأرضا لم تطئوها سيورثكم إيّاها ، يعني أرض مكّة ، وقيل أرض فارس والروم ، وقيل أرض خيبر ، وقيل كلّ أرض ظهر عليها المسلمون بعد ذلك إلى يوم القيامة. ثالثا : أنّ معناه ، وأورثكم ذلك كلّه في الأزل ، بكتابته لكم في اللّوح المحفوظ.
فإن قيل : لم خصّ الله تعالى نساء النبي (ص) بتضعيف العقوبة على الذّنب ، والمثوبة على الطّاعة ، في قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الآية ٣٠]؟
قلنا : أمّا تضعيف العقوبة فلأنّهنّ أولا يشاهدن من الزّواجر الرّادعة عن الذنوب ما لا يشاهده غيرهنّ. ثانيا : أنّ في معصيتهنّ أذى لرسول الله (ص) أعظم من ذنب من آذى رسول الله (ص) أعظم من ذنب غيره ؛ والمراد بالفاحشة النشوز وسوء الخلق ؛ كذا قاله ابن