المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «سبأ» (١)
١ ـ وقال تعالى : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) [الآية ١٣].
أقول : كان خط المصحف (كَالْجَوابِ) بالباء المكسورة ، وحقّها أن تكون «الجوابي» ؛ وهذا القدر الّذي أثبتناه من الآية ، يعادل من حيث الوزن بيتا من الرّمل ، لو أن وقفة قصيرة على «الجواب» لتفصل الصدر عن العجز ، ولو كانت هذه الوقفة لحسن أن تأتي الجوابي بالياء على الأصل ، خلافا لخط المصحف.
فكأنّ خط المصحف ، وعدم وجود الوقف كان اجتنابا لهذا الوزن ، الّذي بعدت عنه لغة التنزيل. أقول : لعلّ شيئا من ذلك جعل «الجوابي» «الجواب»!!
٢ ـ وقال تعالى : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) [الآية ٢٣].
أقول : والتضعيف في قوله تعالى : (فُزِّعَ) للسّلب ، أي أزيل الفزع.
والسّلب ، كما بيّنا ، من المعاني الّتي تستفاد من التّضعيف.
٣ ـ وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [الآية ٢٨].
أقول : والمعنى : وما أرسلناك إلّا للناس كافّة ...
ومجيء الآية بتقديم (كَافَّةً) يفسد مذهب أهل التصحيح ، الّذين يقولون بخطإ قول المعربين ، كافة الناس ، ويلزمونهم أن يقولوا : الناس كافة.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.