المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «سبأ» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الآية ٩] ، ولم يقل : إلى ما فوقهم وما تحتهم من السماء والأرض؟
قلنا : ما بين يدي الإنسان هو كلّ شيء يقع نظره عليه من غير أن يحوّل وجهه إليه ، وما خلفه هو كلّ شيء لا يقع نظره عليه حتّى يحوّل وجهه إليه ، فكان اللفظ المذكور أتمّ ممّا ذكر.
فإن قيل : لما ذا لم يذكر سبحانه الأيمان والشمائل هنا ، كما ذكرها في قوله تعالى : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [الأعراف : ١٧]؟
قلنا : لأنّه وجد هنا ما يغني عن ذكرها ، وهو لفظ العموم ، وذكر السماء والأرض ، ولا كذلك ثمّة.
فإن قيل : كيف استجاز سليمان (ع) عمل التماثيل ، وهي التصاوير؟
قلنا : قيل إن عمل الصورة لم يكن محرّما في شريعته ، ويجوز أن تكون صور غير الحيوان كالأشجار ونحوها ، وذلك غير محرّم في شريعتنا أيضا.
فإن قيل : لم قال تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ) [الآية ١٥] ولم يقل آيتان جنّتان ، وكل جنة كانت آية : أي علامة على توحيد الله تعالى؟
قلنا : لما تماثلتا في الدّلالة واتحدت جهتهما فيها ، جعلتا آية
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.