تضرّه معصيتنا ؛ ولكننا نحن الفقراء المحتاجون إلى رضاه وعنايته ، فمن اهتدى بهدى الله سبحانه ، فقد اهتدى إلى كلّ خير ، ووجد الهداية والسعادة والثقة بالنفس ، والأمل في الغد ؛ ومن لم يهتد فقد خسر كل شيء. ولو شاء الله أن يذهب النّاس لأهلكهم ، وأتى بخلق جديد يعرفون فضله عليهم.
ويشير القرآن إلى أن طبيعة الهدى غير طبيعة الضلال ، وأنّ الاختلاف بين طبيعتيهما أصل عميق ، كأصالة الاختلاف بين العمى والبصر ، والظّلمات والنور ، والظّلّ والحرور ، والموت والحياة ؛ وأنّ بين الهدى والبصر والنور والظّلّ والحياة صلة وشبها ؛ كما أنّ بين العمى والظلمة والحرور والموت صلة وشبها ؛ ثمّ تنتهي الجولة بإشارة إلى مصارع المكذّبين للتنبيه والتحذير.
٤ ـ كتابان إلهيان
عند قراءة الآيات [٢٧ ـ ٣٨] يتّضح أمامنا أن لله عزوجل كتابين يدلّان عليه ، أحدهما كتاب الكون والثاني الكتاب المنزل. والمؤمن يقرأ دلائل القدرة في كتاب الكون : في صحائفه العجيبة الرائعة ، المتنوّعة الألوان والأنواع والأجناس ، والثمار المتنوّعة الألوان ، والجبال الملوّنة الشّعاب ، والنّاس والدّواب والأنعام وألوانها المتعددة الكثيرة. هذه اللفتة العجيبة إلى تلك الصحائف الرائعة في كتاب الكون المفتوح.
والمؤمن يقرأ في الكتاب المنزل ، ويستيقن بما فيه من الحقّ المصدّق لما بين يديه من الكتاب المنزلة ، وتوريث هذا الكتاب للأمة المسلمة ، ودرجات الوارثين وما ينتظرهم جميعا من نعيم بعد عفو الله وغفرانه للمسيئين ، ومشهدهم في دار النعيم ؛ ومقابلهم مشهد الكافرين الأليم. وتختم الجولة العجيبة ، المديدة ، المنوّعة الألوان ، بتقرير أنّ ذلك كلّه يكون وفقا لعلم الله ، العليم بذات الصّدور.
٥ ـ دلائل الإيمان
تشتمل الآيات [٣٩ ـ ٤٥] على الفقرة الأخيرة من السّورة ، وفيها دلائل يقدّمها القرآن ليحرّك القلوب نحو الإيمان. وتجول الآيات جولات واسعة المدى ، تشتمل على إيحاءات شتّى : جولة مع البشريّة في أجيالها