المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «فاطر» (١)
أقول : مناسبة وضعها بعد سبأ : تأخيهما في الافتتاح بالحمد ، مع تناسبهما في المقدار.
وقال بعضهم : افتتاح سورة فاطر بالحمد مناسب لختام ما قبلها ، من قوله تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) [سبأ : ٥٤].
كما قال سبحانه : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)) [الأنعام] ، فهو نظير اتصال أوّل الأنعام بفصل القضاء المختتم به المائدة (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). يعني قوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [الآية ١١٩]. وأمّا أوّل الأنعام ، فهو قوله سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ).