الجنان والنخيل والأعناب ، واللّيل والنّهار والشّمس والقمر ، والنّبات والإنسان ، وكلّ ما في الكون قد أبدع بنظام دقيق ، فللشّمس مدارها ، وللقمر مساره ، ولليل وقته ، وللنهار أوانه : لا يتأخر كوكب عن موعده ، ولا يختلّ نظام ، ولا تضطرب حركات الكون : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)).
ثمّ تحدّثت الآيات عن عناد المشركين ، واستعجالهم العذاب غير مصدّقين :
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨)).
وبمناسبة ذلك يستعرض مشهدا من مشاهد القيامة ، يرون فيه مصيرهم الّذي به يستعجلون ، كأنّه حاضر تراه العيون.
٣ ـ وحي لا شعر
يشتمل الدرس الثالث على الآيات الممتدة من الآية ٦٩ الى آخر السّورة. ويكاد هذا الفصل يلخّص موضوعات السورة كلّها ، فينفي في أوّله أن ما جاء به محمد (ص) شعر ، وينفي عن الرسول (ص) كلّ علاقة بالشّعر أصلا ، ثمّ يعرض بعض المشاهد واللّمسات الدالّة على الألوهيّة المنفردة ، وينعي عليهم اتّخاذ آلهة من دون الله يبتغون عندهم النصر ، وهم الّذين يقومون بحماية تلك الالهة المدّعاة ؛ ويتناول قضية البعث والنشور ، فيذكّرهم بالنشأة الأولى من نطفة ، ليروا أنّ إحياء العظام وهي رميم ، كتلك النشأة ولا غرابة ، ويذكّرهم بالشجر الأخضر الّذي تكون فيه النار ، وهما في الظاهر بعيدان ، وبخلق السماوات والأرض ، وهذا الخلق شاهد للقدرة على خلق أمثالهم من البشر في الأولى والاخرة ؛ وفي ختام السورة نجد برهان القدرة الإلهية والإرادة الربّانيّة ، فالله مالك كلّ شيء في الدّنيا والاخرة ، وإليه المآب والمرجع ؛ قال تعالى :
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)).