المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «يس» (١)
١ ـ وقال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨)).
والمقمح : الّذي يرفع رأسه ويغضّ بصره ، يقال : قمح البعير فهو قامح إذا روي ، فرفع رأسه.
ومنه شهرا قماح ، سمّيا بذلك ، لأنّ الإبل إذا وردت فيهما آذاها برد الماء ، فقامحت.
أقول : ليقف دارس العربية وقفة طويلة على هذه الأصول البدويّة القديمة ، الّتي أحالها المعربون إلى مواد أخرى ، تبدو كأنّها قطعت الصلة بأصولها القديمة.
٢ ـ وقال تعالى : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩)).
قرئ : بإدغام التّاء في الصّاد ، مع فتح الخاء وكسرها ، وإتباع الياء الخاء في الكسر ، والأصل : يختصمون ، وبها قراءة أيضا.
أقول : وقد تعجب أن القراآت المشهورة تبدو أحيانا غريبة ، وقد تتجاوز المألوف الشائع الّذي درجت عليه العربيّة ، فتأتي أبنية غريبة كهذه الكلمة ، في حين يبتعد عن الأصل الشائع.
٣ ـ وقال تعالى : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥)).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.