المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الروم» (١)
إن قيل : لم ذكر الضمير في قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الآية ٢٧] والمراد به الإعادة لسبق قوله جلّ وعلا : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الآية ٢٧].
قلنا : معناه : ورجعه ، أو ردّه أهون عليه ، فأعاد الضمير على المعنى لا على اللفظ ، كما في قوله تعالى (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) [الفرقان : ٤٩] أي بلدا أو مكانا.
فإن قيل : لم أخّرت الصلة في قوله تعالى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الآية ٢٧] وقدمت في قوله تعالى (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) [مريم : ٩]؟
قلنا : لأن هناك قصد الاختصاص ، وهو يحسّن الكلام ، فكأنّ السّياق : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) وإن كان مستصعبا عندكم ؛ وأما هنا فلا معنى للاختصاص فجرى على أصله ، والأمر مبني على ما يعقل الناس من أنّ الإعادة أسهل من الابتداء ، فلو قدمت الصلة لتغيّر المعنى.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الآية ٢٧] والأفعال كلّها بالنسبة إلى قدرة الله تعالى في السهولة سواء ، وإنّما تتفاوت في السهولة والصعوبة بالنسبة إلى قدرتنا؟
قلنا : معناه «وهو هيّن عليه» ، وقد جاء في كلام العرب أفعل بمعنى اسم الفاعل من غير تفضيل ، ومنه قولهم في الأذان : الله أكبر ، أي : الله كبير في قول بعضهم ، وقال الفرزدق :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.