المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «يس» (١)
إن قيل : لم قال تعالى أولا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤)) وقال سبحانه ثانيا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦))؟
قلنا : لأن الأوّل ابتداء إخبار ، فلم يحتج إلى التّأكيد باللّام ، بخلاف الثاني فإنّه جواب بعد الإنكار والتّكذيب ، فاحتاج إلى التّأكيد.
فإن قيل : لم أضاف الرجل الّذي جاء من أقصى المدينة الفطر إلى نفسه ، بقوله كما ورد في التنزيل : (فَطَرَنِي) [الآية ٢٢] وأضاف البعث إليهم بقوله ، كما ذكر القرآن ذلك (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [الآية ٢٢] ، مع علمه أنّ الله تعالى فطره وفطرهم ، وسوف يبعثه ويبعثهم ، فلم لم يقل فطرنا وإليه نرجع ، أو فطركم وإليه ترجعون؟
قلنا : لأنّ الخلق والإيجاد نعمة من الله تعالى توجب الشّكر ؛ والبعث بعد الموت وعيد وتهديد يوجب الزّجر ، فكان إضافته النعمة إلى نفسه أظهر في الشّكر ، وإضافته البعث إليهم أبلغ في الزّجر.
فإن قيل : لم قال تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) [الآية ٣٠] والتحسّر على الله تعالى محال؟
قلنا : هو تحسير للخلق ، معناه قولوا يا حسرتنا على أنفسنا ، لا تحسّرا من الله تعالى.
فإن قيل : لم نفى الله سبحانه وتعالى عن الشمس أن تدرك القمر دون عكسه وهو : ولا القمر ينبغي له أن يدرك الشمس؟
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.