فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣)) ، على وحدانية الله ربّ المشارق والمغارب ، مزيّن السّماء بالكواكب ، ثمّ تجيء مسألة الشّياطين ، وتسمّعهم للملأ الأعلى ، ورجمهم بالشّهب الثاقبة ، يتلوها سؤال لهم :
(أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) [الآية ١١] ، من الملائكة والكواكب والشّياطين والشّهب؟ ، للتوصّل من هذا إلى تسفيه ما كانوا يقولونه عن البعث ، وإثبات ما كانوا يستبعدونه ويستهزءون بوقوعه ؛ ومن ثم يعرض ذلك المشهد المطوّل للبعث والحساب والنعيم والعذاب ، وهو مشهد فريد ، حافل بالصورة والحركة ، والمقابلة بينه وبين منازل الأبرار ، وآلام الفجار.
٢ ـ قصص الأنبياء
تتعرّض الآيات [٧١ ـ ١٤٨] لبيان أن هؤلاء الضالين لهم نظائر في السّابقين ، الّذين جاءتهم النّذر فكان أكثرهم من الضالّين ، ويستطرد السّياق في قصص أولئك المنذرين ، من قوم نوح وإبراهيم وموسى وهارون وإلياس ولوط ويونس (ع) ، وكيف كانت عاقبة المنذرين وعاقبة المؤمنين.
ومن الظواهر المؤثّرة في هذا القصص ، تجرّد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، لربهم جلّ وعلا ، وإخلاصهم له ، فيونس (ع) يسبّح بحمد ربه ويناجيه في بطن الحوت ، وإبراهيم (ع) يطيع الله ويستسلم لأمره ، في قصة الذبح والفداء ؛ ونشاهد من الذابح والذبيح التجرّد والامتثال لأمر الله تعالى ، في أعمق صورة ، وأروعها ، وأرفعها.
وقد كانت الإشارة إلى قصص الأنبياء لمحات سريعة في آيات قصيرة ، تحتوي على عبرة القصة ، والتذكير بمضمونها.
٣ ـ أسطورة تعقبها الحقيقة
تناولت الآيات الممتدّة من ١٤٩ إلى الآية ١٨٢ ، حيث آخر السورة ، الحديث عن الأسطورة الكاذبة ، أسطورة نسبة الجنّ والملائكة إلى الله سبحانه ، ثمّ فنّدت هذه الأسطورة ، ونزّهت الله سبحانه عنها ، وبيّنت أنّ الملائكة خلق من خلق الله ، ملتزم بطاعته.
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)).