المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الصافات» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «الصافّات» بعد سورة «الأنعام» ، وقد نزلت سورة الأنعام بعد الإسراء وقبيل الهجرة ، فيكون نزول سورة «الصافّات» في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لابتدائها بالقسم به ، والمراد به الملائكة الّتي تقف صفوفا للعبادة ، أو تصفّ أجنحتها في الهواء ، منتظرة وصول أمر الله إليها ؛ وتبلغ آيات هذه السورة اثنتين وثمانين ومائة آية.
الغرض منها وترتيبها
يقصد من هذه السورة إبطال الشرك ، وقد كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون أنّها بنات الله ، ويتّخذون من الشّياطين قرناء يطيعونهم ، ويزعمون أنّ بينهم وبين الله نسبا ، وأنّهم يصعدون إلى السماء فيطّلعون على أسرارها ويخبرونهم بها ، فابتدأت السّورة بإثبات وحدانيته تعالى ، وأشارت إلى أن الملائكة عباد مسخّرون للعبادة وحراسة السماء من الشياطين ؛ وذكر السّياق أنّ الشياطين عباد مدحورون لا يعرفون شيئا من أخبار السماء ، وأنّ الله تعالى أمر النبيّ (ص) أن يستفتيهم فيما يكون من أمرهم ، وهم أضعف منهم خلقا ، لينذرهم بقدرته على بعثهم وحسابهم مع شياطينهم وآلهتهم ، وبما قصّ عليهم من أخبار الماضين ليكون فيها
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.