ضالّين : (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)).
ثمّ أخذ السّياق في ذكر حال من يقلّدونهم ليعتبروا بما حصل لهم ، ويوازنوا بين من كفر ومن آمن منهم ؛ فذكر أخبار نوح وقومه ، وأنّ الله تعالى ناداه فأجابه هو ومن آمن معه ، فنجّاهم وجعل ذرّيّتهم هم الباقين ، وترك على نوح سلاما في العالمين ، وأغرق من كفر به فبادوا وذهبت آثارهم ؛ ثمّ ذكر السّياق أخبار إبراهيم وقومه ، وأنّه جلّ وعلا رفع شأنه على من كفر به منهم ، ورزقه ذرّية صالحة مباركة ، وترك عليه سلاما باقيا في الآخرين ؛ ثم ذكر السّياق أخبار موسى وهارون ، وأنّه جلّ وعلا نجّاهما وقومهما من ظلم فرعون ، وترك عليهما سلاما باقيا في الآخرين ؛ ثم ذكر السّياق أخبار إلياس وقومه ، وأنّ إلياس دعاهم إلى عبادة ربّهم وترك عبادة صنمهم بعل ، فكذّبوه فاستحقّوا العذاب إلّا من آمن منهم ، فإنّ الله سبحانه نجّاهم وترك عليهم سلاما في الآخرين ؛ ثم ذكر السّياق أخبار لوط وقومه ، وأخبار يونس وقومه ؛ وذكر في يونس أنّ الله سبحانه أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون : (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)).
إبطال نبوة الملائكة والجن
الآيات [١٤٩ ـ ١٨٢]
ثم قال تعالى : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)) فأنكر عليهم أن يكون له بنات من الملائكة ، وهم إنّما يرضون البنين لأنفسهم ويكرهون البنات ؛ وذكر جلّ وعلا أنهم لم يشهدوا خلق الملائكة إناثا حتّى يصحّ لهم أن يذهبوا إليه ، وإنّما هو إفك لا دليل لهم عليه ، ثمّ ذكر أنهم جعلوا بينه وبين الجنّة نسبا ، وهم المجوس من العرب والفرس ، وكانوا يقولون بإلهين ، إله للخير ، وإله للشّرّ ، وأنّ إله الخير هو الله ، وإله الشّرّ هو إبليس ؛ ثم ردّ عليهم بأنّ الجنّة يعلمون أنهم عباد محضرون للعذاب ، ونزّه نفسه سبحانه عمّا يصفونه به من النّسب بينه وبين الجنّة ، وبيّن بطلان جعلهم الجن آلهة ؛ وذكر سبحانه أنهم يعجزون عن إغواء المخلصين من عباده ، ولا يغوون إلا من سبق في علم الله أن يكون من أهل الجحيم ؛ ومن يكن هذا شأنه لا يكون إلها ؛ ثم ذكر سبحانه تفرّده بعلوّ الشأن فقال : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)).