المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الصافات» (١)
١ ـ وقال تعالى : (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤)).
والاستسخار : المبالغة في السّخرية. أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها.
٢ ـ وقال تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧)).
الغول : مصدر غاله يغوله ، إذا أهلكه وأفسده.
أقول : لعلّ الغول ، وهو المصدر ، قد أخذ من كلمة «الغول» ، وهي من أوهام العرب وأباطيلهم!
والغريب أن جماعة من العرب في عصرنا ، أطلقت «الغول» على ما يسمّى في العلم الحديث المادة «الرّوحية» في المخدّرات ، الّتي أسموها : «الكحول» ، وذلك توهّما وخطأ. وكان ذلك بسبب أن كلمة «الغول» قد وردت في هذه الآية ، توصف بها الخمر في الجنّة ، أي : أنّ خمرة الجنة لا تهلك ولا تفسد العقول ، كخمرة الدنيا.
وقوله تعالى : (يُنْزَفُونَ (٤٧)) بالبناء للمفعول من : نزف الشارب إذا ذهب عقله ، ويقال للسّكران : نزيف ومنزوف.
٣ ـ وقال تعالى : (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣)).
وقوله تعالى : (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) ، أي : فذهب إليها في خفية (٢) ، والأصل
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). ويقال أيضا : «خفية» بضمّ الخاء.