يدعوهم إلى التوحيد ، وساقت السورة شبهات الكافرين حول قضية الوحي.
فقد استكثروا أن يختار الله سبحانه رجلا منهم لينزل عليه الذكر من بينهم ، وأن هذا الرجل هو محمد بن عبد الله الّذي لم تسبق له رئاسة فيهم ، ولا إمارة فقالوا كما ورد في التنزيل :
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) [الآية ٨].
وبيّنت السورة لهم ، أنّ رحمة الله لا يمسكها شيء ، إذا أراد أن يفتحها على من يشاء ، وأنه ليس للبشر شيء من ملك السماوات والأرض ، وإنّما يفتح الله رزقه ورحمته على من يشاء ، وأنه يختار من عباده من يعلم استحقاقهم للخير ، وينعم عليهم بشتى الإنعامات ، بلا قيد ولا حدّ ولا حساب. في هذا السياق جاء تسخير الجبال والطير ، وتسخير الجن والريح ، فوق الملك وخزائن الأرض والسلطان والمتاع ، وجاء مع القصّتين توجيه النبي (ص) إلى الصبر على ما يلقاه من المكذّبين :
(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)).
كذلك جاءت قصة أيوب (ع) تصور ابتلاء الله سبحانه للمخلصين من عباده بالضّرّاء ، وصبر أيوب (ع) مثل في الصبر رفيع ؛ وتصور السورة حسن العاقبة للصابرين.
ونلاحظ أن السياق ، في سورة ص ، يربط بين أربعة موضوعات رئيسة : هي شبهات الكافرين ، وقصص الأنبياء ، والمقابلة بين نعيم المتقين وعذاب الكافرين ، ثم قصة خلق آدم (ع) وسجود الملائكة له وإباء إبليس.
١ ـ شبهات الكافرين
تشتمل الآيات [١ ـ ١٦] على شبهات الكافرين حول بشريّة الرسول ، واختصاصه بالوحي ، وإنكار توحيد الالهة في إله واحد ، والرد على هذه المفتريات ، وبيان جزاء المكذّبين ، من قوم نوح وعاد وفرعون وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة.
(إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤)).
٢ ـ قصص الأنبياء
تشتمل الآيات [١٧ ـ ٤٨] على قصص وأمثلة من حياة الرسل صلوات الله عليهم.
وفي هذا القصص بيان لآثار رحمة