الله بالرسل من قبل ، وتذكير بما أغدق الله عليهم من نعمة وفضل ، وبما آتاهم من ملك وسلطان ومن رعاية وإنعام ، وذلك ردا على عجب الكافرين من اختيار الله لمحمد (ص) رسولا من بينهم ، وما هو ببدع من الرسل ، وفيهم من آتاه الله سبحانه إلى جانب الرسالة الملك والسلطان ، وفيهم من سخّر له الجبال يسبّحن معه والطير ، وفيهم من سخّر الله تعالى له الريح والشياطين ، كداود وسليمان (ع). فما وجه العجب أن يختار الله جلّ وعلا محمدا (ص) الصادق ، لينزل عليه الذكر من بين قريش في آخر الزمان.
كذلك يصور هذا القصص رعاية الله تعالى الدائمة لرسله ، وإحاطتهم بتوجيهه وتأديبه فقد كانوا بشرا ، كما أن محمد (ص) بشر ، وكان فيهم ضعف البشر ، وكان الله سبحانه يرعاهم فلا يدعهم لضعفهم ولكن يبين لهم ويوجههم ، ويبتليهم ليغفر لهم ويكرمهم ، وفي هذا ما يطمئن قلب الرسول إلى رعاية ربه له ، وحمايته له من أذى المشركين ؛ وفي تلك القصص سلوى ومواساة لما لقيه النبي من تكذيب واتهام وافتراء ، وفيه دعوة إلى الصبر حتى ينال رضوان الله ، كما ناله السابقون من الأنبياء.
٣ ـ النعيم والجحيم
تعرض الآيات [٤٩ ـ ٦٤] مشهد المؤمنين في الجنة ، وقد فتحت أبوابها ، وجرت أنهارها ، وكثر حورها وولدانها ، وتنوّعت أرزاقها :
(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤)).
كما تعرض مشهد الطاغين في النار ، وقد اشتد لهيبها وتنوّع عذابها ، واختصم الأتباع والرؤساء فيها ، وأخذوا يبحثون عن ضعفاء المؤمنين بينهم فلا يجدونهم في النار ، لأن هؤلاء الضعفاء في الجنة والرضوان.
سجود الملائكة لآدم
تشتمل الآيات الممتدة من الآية ٦٥ إلى آخر السورة ، على تأكيد وحدانية الله تعالى ، وشمول قدرته وملكه في السماوات والأرض.
وتستعرض قصة آدم (ع) وسجود الملائكة له ، كدليل على أن هؤلاء الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ؛ كما تتضمّن القصة لونا من الحسد في نفس