وَشِقاقٍ (٢)) فأقسم بذلك أنهم سيعاقبون على كفرهم في الدنيا والاخرة ، ولكنّهم في غفلة عن هذا وشقاق ، وكم أهلك من قبلهم من الكفّار ، فنادوا ولات حين مناص ؛ ثم ذكر سبحانه أنهم تعجبوا من أن ينذرهم بذلك واحد منهم ، ومن أن يدعو إلى التوحيد وإبطال الالهة ، وهذا يخالف الملّة الاخرة (النصرانية) الّتي تجعل الالهة ثلاثة ؛ ثم ذكر إنكارهم أن يختص بذلك دونهم وهو لا يمتاز بشيء عليهم ؛ ورد عليهم بأن ذلك يرجع إلى اختياره بمقتضى رحمته ، ولا شريك له فيما يملكه من أمر سماواته وأرضه ، فإن ادّعوا لهم ملكا في ذلك فليرتقوا في الأسباب : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١)).
ثم ذكر جلّ وعلا أنه قد كذّب قبلهم من كان أقوى منهم من قوم نوح وعاد وفرعون فعاقبهم وأهلكهم ، وسيكون مصيرهم مثلهم. ثم ذكر أنهم طلبوا تعجيل هذا العذاب استهزاء ، وأمر النبي (ص) أن يصبر على استهزائهم ، ويذكر ما كان من أمر الرسل قبله ليعتبر بما كان منهم ؛ وقد ذكر له في ذلك أخبار داود وسليمان وأيّوب وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل واليسع وذي الكفل (عليهمالسلام) ، وفصّل في بعضهم ما فصّله من أخبارهم ، وأجمل في بعضهم ما أجمله من أمرهم ، ليحمله على ما أمره به من الصبر على قومه. ثم لفت إلى أمر آخر يحمله أيضا على الصبر عليهم ، وهو ما أعدّه سبحانه للمتقين والطاغين من حسن المآب للأولين وشرّه للاخرين ، وقد فصّل فيهما ما فصل من أحوالهما ، وذكر في الثاني ما يكون من التخاصم بين أهل النار وخزنتها ، ثم ختم ذلك كله بتأكيد ما بدأ به من الإنذار ، فقال جلّ وعلا : (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥)) فإذا أراد إهلاكهم لم يمنعه غيره من آلهتهم ؛ ثم ذكر السياق على لسان الرسول أن ما ينذرهم به نبأ عظيم لا كذب فيه ، وأيّد ذلك بأن ما ذكره من ذلك التخاصم بين أهل النار وخزنتهم ، لم يكن للرسول به علم إذ يختصمون : (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)).
العهد القديم بعقاب الكافرين
الآيات [٧١ ـ ٨٨]
ثم قال تعالى : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ