المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «ص» (١)
إن قيل : أين جواب القسم في قوله تعالى (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١))؟.
قلنا : فيه وجوه : أحدها : أنه لما ذكر سبحانه حرفا من حروف المعجم على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز ، كما قيل في كل سورة مفتتحة بحرف أتبعه القسم ، محذوف الجواب ، لدلالة التحدي عليه ، كأنّ السياق : والقرآن ذي الذكر إنه لكلام معجز ؛ وكذلك إذا كان الحرف مقسما به ، كأنّ السياق :
أقسمت ب «ص» والقرآن ذي الذكر ، إن هذا الكلام معجز.
الثاني : أن «ص» خبر مبتدأ محذوف ، على أنه اسم للسورة ، كأن السياق يقول : هذه «ص» ، يعني : هذه السورة الّتي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر ، كما تقول : هذا حاتم والله ، تريد : هذا هو المشهور بالسخاء والله.
الثالث : أن جواب القسم : كم أهلكنا ، وأصله لكم أهلكنا ، فلمّا طال الكلام حذفت اللام تخفيفا كما في قوله تعالى (وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١)) [الشمس](قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩)) [الشمس] الرابع : أنّه قوله تعالى (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)) وهو قول الكسائي. وقال الفرّاء : وهذا لا يستقيم في العربية لتأخّره جدا عن القسم.
فإن قيل : ما وجه المناسبة والارتباط بين قوله تعالى : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ)
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.