وفي خلال السورة نجد لمسات متوالية للقلوب والأفئدة ، تعرض عليها أدلّة القدرة ومشاهد الكون ، وخلق الليل والنهار ، وإنزال المطر وإنبات النبات ، وبدء الخليقة ، ومراحل خلق الجنين ، وطبيعة النفس في اللجوء إلى الله سبحانه في الضّرّاء ، والإعراض عنه في السّرّاء ، مع أن الموت قائم على رؤوس العباد.
ظل الاخرة
مشاهد الاخرة تظلل السورة وتسيطر على ختامها ، حيث نجد الملائكة حافّين من حول العرش ، ونرى المؤمنين يساقون إلى الجنة أفواجا وجماعات في تكريم إلهي ، وسلام ونعيم في الخلود ، ونرى الكفّار يساقون إلى جهنّم زمرا في مهانة وإذلال.
«وظل الاخرة في السورة يتناسق مع جوّها ، وأهداف اللّمسات الّتي تأخذ القلب البشري بها ، فهذه اللمسات أقرب إلى جو الخشية والخوف والفزع والارتعاش ، ومن ثمّ نجد الحالات الّتي ترسمها للقلب البشري هي حالات ارتعاشة وانتفاضة وخشية ، نجد هذا في صورة القانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه ، وفي صورة الّذين يخشون ربهم ، حيث تقشعر جلودهم لهذا القرآن ، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ، كما نجده في التوجيه إلى التقوى ، والخوف من العذاب والتخفيف منه ، ثم نجده في مشاهد القيامة ، وما فيها من فزع ومن خشية ، وما فيها كذلك من إنابة وخشوع».
فقرات السورة
١ ـ التوحيد
في الآيات الأولى من السّورة المكوّنة لفقرتها الأولى ، حثّ على إخلاص العبادة لله سبحانه ، ثم نهي عن اتخاذ الأنداد والأولياء ؛ ثم نجد القرآن يلمس القلوب فيبين قدرة الله جلّ جلاله في خلق الناس من نفس واحدة ، وتزويجها من جنسها ، وخلق الأنعام أزواجا كذلك ، وخلقهم في بطون أمهاتهم في ظلمات ثلاث ، ومنحهم خصائص جنسهم البشري أوّل مرة ، ثم منحهم خصائص البقاء والارتقاء. وقد استغرقت هذه الفقرة الآيات [١ ـ ٧].