المجادلين له إلى يوم القيامة ، ويمضي في طريقه ثابتا واثقا مستقيما بالمصير.
يتلو هذا بيان الرسول (ص) وأنه ليس وكيلا على العباد في هداهم وضلالهم ، وإنما الله سبحانه هو المسيطر عليهم ، الأخذ بناصيتهم في كل حالة من حالاتهم ، وليس لهم من دونه شفيع فإن الشفاعة لله جميعا ، وإليه سبحانه ملك السماوات والأرض ، وإليه المرجع والمصير.
ثم تتعرّض الآيات لوصف المشركين وانقباض قلوبهم عند ذكر كلمة التوحيد ، وانبساطها عند ذكر كلمة الشّرك ؛ وتعقّب على هذا بدعوة الرسول (ص) إلى إعلان كلمة التوحيد خالصة وترك أمور المشركين لله ، وتصوّرهم يوم القيامة يودّون لو يفتدون بملء الأرض ومثله معه ، وقد تكشّف لهم من الأمر ما يذهل ويخيف!
وتعرض الآيات وضع الإنسان في حال الهلع والجزع ، ثم في حال النعمة والرخاء فهو إذا أصابه الضّرّ دعا الله وحده ، فإذا وهبه الله النّعم والرّخاء ادعى دعاوى عريضة ، وقال : إنما أوتيته على علم عندي ؛ هذه الكلمة الّتي قالها من سبق من المتبطّرين والمتكبّرين ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ، وهو قادر على أن يبطش بكلّ جبّار عنيد ، وما كان بسط الرزق وقبضه إلّا سنّة من سنن الله تجري وفق حكمته وتقديره ، وهو وحده الباسط القابض بيده الخلق والأمر.
والله سبحانه قد فتح أبواب رحمته على مصاريعها بالتوبة ، ودعا العصاة إلى الإنابة والاستقامة ، واتّباع منهج الحق والعدل من قبل أن يأتي يوم الحساب فتندم كل نفس ظالمة ، وتتمنى أن تعود إلى الدنيا لتستدرك ما فاتها. وفي هذا اليوم تظهر الكآبة في وجوه الكافرين ، ويظهر الفوز والسرور في وجوه المؤمنين.
٥ ـ الله مستحق للعبادة دون سواه
تعرض الآيات الأخيرة في السورة [٦٢ ـ ٧٥] ألوان قدرة الله وجلاله وتفرّده بالملك والتصرف في كل شيء. وإذا تبيّن لنا آثار هذه القدرة ، ظهرت أمامنا دعوة المشركين للنبي (ص) إلى مشاركتهم عبادة آلهتهم في مقابل أن يشاركوه عبادة إلهه ، مستغربة مستنكرة ، فكيف يعبد معه