المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الزّمر» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)) وكم من كاذب كفّار قد هداه الله تعالى فأسلم وصدق؟
قلنا : معناه لا يهديه إلى الإيمان مادام على كفره وكذبه. وقيل معناه : لا يهديه إلى حجّة يلزم بها المؤمنين.
فإن قيل : كيف نستنتج أن في قوله تعالى : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ (٤)) [الآية ٤] ردّا لقول من ادّعى أن له ولدا ، وإبطالا لذلك ، مع أنّ كل من نسب إليه سبحانه ولدا قال إنه اصطفاه من خلقه بجعله ولدا ؛ فاليهود يدّعون أنه عزير ، والنصارى يدّعون أنه المسيح بن مريم عليهماالسلام ، وطائفة من مشركي العرب يدعون أن الملائكة بنات الله تعالى؟
قلنا : هذا إن جعل ردّا على اليهود والنصارى كان معناه لاصطفى الولد من الملائكة لا من البشر ، لأنّ الملائكة أشرف من البشر بلا خلاف بين اليهود ولا بين النصارى ؛ وإن كان ردّا على مشركي العرب كان معناه لاصطفى له ولدا من جنس يخلق كل شيء يريده ليكون ولدا موصوفا لصفته ، ولم يصطف من الملائكة الّذين لا يقدرون على إيجاد جناح بعوضة ؛ ولا يردّ على هذا خلق عيسى (ع) الطير لأنه ليس بعام ، أو لأن معنى خلقه التقدير من الطين ، ثم إنّ الله تعالى يخلقه حيوانا
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.