المبحث الأول
أهداف سورة «لقمان» (١)
سورة لقمان سورة مكّيّة وعدد آياتها ٣٤ آية. نزلت بعد سورة الصّافات ، وسورة لقمان من أواخر ما نزل في مكة. فقد نزلت بعد الإسراء وقبيل الهجرة. وقد سمّيت بسورة لقمان لورود قصة لقمان فيها ، الّذي كان من الحكماء الأقدمين ، ولم يرد اسم حكيم غيره في القرآن.
وسورة لقمان رحلة بعيدة الاماد والآفاق ، تطوف بالقلب في جولات متعدّدة ، لتأكيد قضيّة العقيدة وترسيخها في النفوس ، وهي القضيّة الّتي تعالجها السور المكّيّة بأساليب شتّى ، ومن زوايا متنوّعة ، تتناول القلب البشريّ من جميع أقطاره ، وتلمس جوانبه بشتّى المؤثّرات الّتي تخاطب الفطرة وتوقظها.
هذه القضيّة الواحدة ، قضية العقيدة ، تتلخّص هنا في توحيد الخالق وعبادته وحده ، وشكر آلائه ، وفي اليقين بالآخرة ، وما فيها من حساب دقيق وجزاء عادل ، وفي اتّباع ما أنزل الله والتخلّي عمّا عداه من مألوفات ومعتقدات.
والسورة تتولّى عرض هذه القضيّة ثلاث مرّات في ثلاث جولات ، تطوف كل منها بالقلب البشري فتعرض عليه دعوة الهدى من جانب الوحي ومن جانب الحكمة ؛ ومن جانب الكون الكبير سمائه وأرضه ، وشمسه وقمره ، وليله ونهاره وأجوائه وبحاره ، وأمواجه
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.