المبحث الأول
أهداف سورة «الروم» (١)
سورة الروم سورة مكّيّة نزلت بعد سورة الانشقاق ، وآياتها ٦٠ آية. وقد نزلت سورة الروم في السنة التي انتصر فيها الفرس على الروم ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة.
وسمّيت هذه السورة بسورة الروم لقوله تعالى في أولها : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)).
سبب نزول السورة
قال المفسّرون (٢) : بعث كسرى جيشا إلى الروم واستعمل عليهم رجلا يسمّى شهريران ، فسار إلى الروم بأهل فارس وظهر عليهم ، فقتلهم وخرّب مدائنهم وقطع زيتونهم ، وكان قيصر قد بعث رجلا يدعى يحنس ، فالتقى مع شهريران بأذرعات وبصرى وهما أدنى الشام إلى أرض العرب. فغلبت فارس الرّوم ، وبلغ ذلك النبيّ (ص) وأصحابه بمكّة فشقّ عليهم. وكان النبي (ص) يكره أن يظهر الأمّيّون من أهل المجوس على أهل الكتاب من الروم ، وفرح كفار مكّة وشمتوا ، وقالوا للمسلمين : إنكم أهل كتاب ، والنّصارى أهل كتاب ونحن أمّيّون. وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم ، وإنّكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم.
فأنزل الله تعالى سورة الروم. وفيها يفيد أنّ أهل فارس قد غلبوا الروم في
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.
(٢). انظر تفسير الجلالين ، والطبري ، ومقاتل بن سليمان ، وظلال القرآن في أسباب النزول للواحدي.