الّتي تهزّ الحسّ وتنبّه الشعور ، وتأخذ بتلابيب القلوب الشاردة الّتي تجعل لله شركاء ، وهي ترى خلقه العظيم :
(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١١)).
وتمتد هذه الفقرة من أوّل السورة إلى الآية ١١.
الجولة الثانية :
تبدأ الجولة الثانية من خلال نفوس آدميّة ، وتتناول القضيّة ذاتها بأسلوب جديد ومؤثّرات جديدة : إنّها نصيحة من رجل حكيم يعظ ابنه ، فيقدّم له خلاصة تجاربه وحكمته ، فيأمره بالتوحيد وينهاه عن الشرك ، ويحثّه على برّ الوالدين وطاعتهما فيما يأمران به ، إلّا إذا أمرا بالشّرك ونحوه ، وينبّه لقمان ولده إلى إحاطة علم الله بكل شيء ، إحاطة يرتعش لها الوجدان البشري.
ثمّ يتابع لقمان وصيّته لابنه فيأمره أن يقوم بتكاليف العقيدة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يصبر ويحتمل فإنّ الصبر من أمّهات الفضائل.
ويحثّ لقمان ولده على مكارم الأخلاق ، وآداب النفس والسلوك فينهاه عن الكبر والبطر ، ويأمره أن يعتدل في مشيته وأن يغضّ من صوته ، وأن يلزم الرفق والهدوء والاعتدال.
وقد استغرقت هذه الجولة الآيات ١٢ ـ ١٩.
الجولة الثالثة :
تستغرق الجولة الثالثة بقية السورة من الآية ٢٠ إلى الآية ٣٤ ، بعرض أدلة التوحيد في خلق السماء والأرض ، وفي تسخير الكون ، وإسباغ النعم الظاهرة والباطنة. وفي ظل النّعم الظاهرة والأدلّة الملموسة يبدو الجدل في الله مستنكرا للفطرة تمجّه القلوب المستقيمة.
ثمّ يتابع السّياق استنكار موقف الكفر والجمود ، وتقليد الآباء دونما تبصّر ورويّة ، ومن ثمّ يعرض قضيّة الجزاء في الاخرة مرتبطة بقضيّة الكفر والإيمان.
ثمّ يقف الكافرون وجها لوجه أمام منطق الفطرة ، وهي تواجه هذا الكون فلا تملك إلّا الاعتراف بالخالق الواحد الكبير. وتعرض الآيات مشهدا كونيا