المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «لقمان» (١)
إن قيل : كيف يحلّ الغناء بعد قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) [الآية ٦] ، وقد قال الواحدي في تفسير وسيطه : أكثر المفسّرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء. وروى هو أيضا عن النبي (ص) أنّه قال : «والّذي نفسي بيده ما رفع رجل قط عقيرته يتغنّى إلّا ارتدّ فيه شيطانان يضربان بأرجلهما على ظهره وصدره حتى يسكت». وقال سعيد بن جبير ومجاهد وابن مسعود رضي الله عنهم : لهو الحديث هو والله الغناء واشتراء المغنّي والمغنّية بالمال. وروى أيضا حديثا آخر مسندا ، عن النبي (ص) أنّه قال في هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) اللعب والباطل كثير النفقة سمح فيه ، لا تطيب نفسه بدرهم يتصدّق به. وروى أيضا حديثا آخر مسندا عن النبي (ص) أنه قال : «من ملأ سمعه من غناء ، لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيّين يوم القيامة. قيل : وما الروحانيّون؟ قال قرّاء أهل الجنة». قال أهل المعاني : ويدخل في هذا كلّ من اختار اللهو واللعب والمزامير والمعازف وآثرها على القرآن ، وإن كان اللفظ ورد بالاشتراء ، لأنّ هذا اللفظ يذكر في الاستبدال والاختيار كثيرا. وقال قتادة رحمهالله : حسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق. هذا كله نقله الواحدي رحمهالله ، وكان من كبار السلف في العلم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.