المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «لقمان» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الآية ٦].
وهذه استعارة ، والمراد بالاشتراء هاهنا استبدال الشيء من غيره ، وكذلك البيع للشيء يكون بمعنى استبدال غيره منه. فكأنّ المذموم بهذا الكلام استبدال لهو الحديث من سماع القرآن ، والتأدب بآدابه والاعتلاق بأسبابه. ويدخل تحت لهو الحديث ، سماع الغناء والحداء والإفاضة في الهزل والفحشاء ، وما يجري هذا المجرى. ويروى عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : هو شراء القينات ، وقيل إنّ ذلك نزل في النّضر بن الحارث بن كلدة بن عبد الدار بن قصيّ. وكان يبتاع الكتاب ، وفيها أحاديث الأكاسرة وأنباء الأمم الخالية ، ويقرأها على قريش إلهاء لهم عن سماع القرآن وتدبّره ، بزعمه وحيدا لهم عن تأمّل قوارعه وزواجره.
٢ ـ قال سبحانه : (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الآية ٧].
وهذه استعارة ، لأن البشارة في العرف إنما تكون بالخير والسعادة والمسرّة لا بالشّرّ والمضرّة. لكنّ إبلاغهم الوعيد بالعقاب ، لمّا كان كإبلاغهم الوعد بالثواب في تقدم الخبر به ، جاز أن يسمّى لهذه العلّة باسمه.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.