المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «السجدة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة السجدة بعد سورة غافر ، وقد نزلت سورة غافر بعد الإسراء قبيل الهجرة ، فيكون نزول سورة السجدة في ذلك التاريخ أيضا.
وسمّيت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى في الآية ١٥ منها : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)).
وهي من الآيات الّتي تحسن السجدة عند قراءتها ، وتبلغ آياتها ثلاثين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة إثبات تنزيل القرآن ، وهو قريب من الغرض الّذي يقصد من السورة السابقة ، ولهذا ذكرت هذه السورة بعدها ؛ وهذا ، إلى أنّها تشبهها في ما جاء فيها ، من حثّ المؤمنين على الصبر على أذى المشركين ، ومن وعدهم بأن يجازوا على صبرهم كما جوزي الصابرون من بنى إسرائيل قبلهم ، وقد جاء ذلك الغرض فيها على قسمين : أوّلهما في إثبات تنزيل القرآن ، وبيان عاقبة من آمن به ، ومن كذّب به في الاخرة والدنيا ؛ وثانيهما في تأييد ذلك ، بما لا يمكن إنكاره من فطرة العقل ، وبما حصل لمن آمن بالتوراة من بني إسرائيل من رفعة شأنهم ، وجعلهم أئمّة في الدنيا ، يهدون بأمر الله تعالى.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.