المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الروم» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الروم بعد سورة الانشقاق ، وكان نزول سورة الروم في السنة التي هزمهم الفرس فيها ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ، فتكون من السور التي نزلت فيما بين الإسراء والهجرة إلى المدينة.
وقد سمّيت هذه السور بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)) وتبلغ آياتها ستّين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة تسلية المؤمنين فيما يصيبهم من أذى المشركين ، كشماتتهم بهم حين انتصر الفرس على الرّوم ، وذلك بوعدهم بنصر الرّوم على الفرس في الدّنيا ، وبيان ما يكون من حالهم وحال أعدائهم في الاخرة ؛ وقد جاء هذا الغرض فيها على قسمين : أوّلهما في تسلية المؤمنين بوعدهم بنصر الروم على الفرس ، وما إلى هذا ممّا ذكر فيه ، وثانيهما في بيان بعض ما يثبّتهم ويهوّن عليهم ما يلقونه من أعدائهم.
وقد جاءت هذه السورة بعد سورة العنكبوت لأنّ المسلمين وعدوا فيها بالنصر على المشركين ، فجاءت هذه السورة بعدها ، وفي أولها وعده سبحانه بنصر الروم على الفرس ، ليكون مقدّمة لتحقيق وعده جل جلاله للمسلمين ، لأنّ الروم كانوا أهل كتاب ، وكانوا
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.