المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «السجدة» (١)
إن قيل : لم قال تعالى هنا : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)) ؛ وقال تعالى ، في سورة المعارج : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)) [المعارج]؟
قلنا : المراد بالأوّل ، مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى السطح الأعلى من سماء الدنيا ؛ وذلك ألف سنة ، خمسمائة سنة مسافة ما بين السماء والأرض ، وخمسمائة سنة مسافة سمك سماء الدنيا ؛ والمراد بالثاني مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى العرش. الثاني : أنّ المراد به في الآيتين يوم القيامة ، ومقداره ألف سنة من حساب أهل الدنيا ، لقوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج : ٤٧] ومعنى قوله تعالى : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أي : لو تولّى فيه حساب الخلق غير الله تعالى. الثالث : أنه كألف سنة في حقّ عوام المؤمنين ، والخمسين ألف سنة في حقّ الكافرين ، لشدّة ما يكابدون فيه من الأهوال والمحن ؛ وكساعة من أيّام الدنيا في حقّ خواصّ المؤمنين. ويؤيّده ما روي أنّه قيل «يا رسول الله يوم مقداره خمسون ألف سنة ما أطوله ، فقال : والّذي نفسي بيده ؛ ليخفّف على المؤمن ، حتّى يكون عليه
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ