أقرب إلى المسلمين من الفرس ، ولهذا حزن المسلمون لهزيمتهم وفرح مشركو قريش.
تسلية المؤمنين
الآيات [١ ـ ١٦]
قال الله تعالى : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣)) فذكر أن الروم غلبوا ، ووعد بنصرهم على من غلبهم ، ليفرح المؤمنون بنصرهم لأنّهم أهل كتاب مثلهم ؛ ثم ذكر سبحانه أنه إذا وعد لا يخلف وعده ، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ، لأنّ علمهم لا يتعدّى ظاهرا أمور الدنيا من ملاذّها وملاعبها ، ولا يصل إلى باطنها وأسرارها ، وهم إلى هذا غافلون عن الاخرة ولا يصلون إلى علمها ، فهم لهذا كلّه ينكرون وعده بالنصر ولا يصدّقون به ، وينكرون الحشر وما أعدّ لهم فيه ؛ ثمّ حثّهم على ما يوصلهم إلى العلم بذلك من الفكر والنظر ، لأنهم لو فكّروا في خلق السماوات والأرض وما بينهما ، لعلموا أن الله جلّ جلاله لم يخلقهم إلّا لحكمة وأجل معيّن ، ثمّ يكون بعد ذلك ما ينكرونه من الحشر ، ولو ساروا في الأرض لرأوا عاقبة من كذّب قبلهم من الأمم ، وحملهم ذلك على التصديق بما وعد الله من النصر ؛ ثم ذكر أنه هو الذي بدأ الخلق فهو قادر على إعادته وعلى حشرهم إليه بعد موتهم ، وأنّهم يوم يحشرون إليه لا يجدون إلى الخلاص طريقا ، ولا يكون لهم شفيع من شركائهم ، ويكافرون بهم بعد مشاهدة عجزهم ؛ ويومئذ يتفرّق كلّ من المؤمنين والكافرين إلى ما أعدّ لهم ، فأمّا المؤمنون فهم في روضة يحبرون (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦)).
وسائل تثبيتهم
الآيات [١٧ ـ ٦٠]
ثمّ قال تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧)) فأمرهم بالمواظبة على الصلاة في أوقاتها من الصباح والمساء والعشيّ والظّهيرة ، كما أمرهم بذلك في السّورة السابقة ؛ ثمّ ذكر بما يوجب عليهم القيام بتسبيحه وحمده فيها ، أنّه هو الذي يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ،