بها أعداء الإسلام قديما وحديثا ، وصاغوا حولها الأساطير المفتريات. إنّما كان الأمر أمر الله سبحانه ، تحمّله النبيّ (ص) وواجه به المجتمع الكاره لهذا الأمر كل الكراهية ، حتّى ليتردّد النبي في تحمّله ومواجهة الناس به.
قال تعالى :
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٣٧)).
واستمرّت الآيات توضح أنه لا حرج على النبي (ص) فيما فرض الله له ، فقد فرض له أن يتزوّج زينب ، وأن يبطل عادة العرب في تحريم أزواج الأدعياء ؛ وذكرت الآيات أنّ محمّدا لم يكن أبا أحد من رجال العرب ، حتى يحرم عليه الزواج من مطلّقته ، وإنّما محمد رسول الله وخاتم النبيين ، فهو يشرّع الشرائع الباقية ، لتسير عليها البشريّة إلى يوم الدين ؛ ثمّ حثّت الآيات على ذكر الله وطاعته ...
وقد استغرق هذا الموضوع الرابع ، [الآيات ٣٦ ـ ٤٤].
أدب بيت النبوة
يستغرق الموضوع الخامس الآيات الممتدّة من الآية ٤٥ إلى آخر السورة ، ويبدأ ببيان حكم المطلّقات قبل الدخول ، ثمّ يتناول تنظيم الحياة الزوجية للنبي (ص) ، فيبيّن من يحلّ له من النساء المؤمنات ومن يحرّم عليه ؛ ويستطرد السياق إلى تنظيم علاقة المسلمين ببيوت النبي ، وزوجاته في حياته وبعد وفاته ، وتقرير احتجابهنّ إلّا على آبائهنّ أو إخوانهنّ أو أبناء إخوانهنّ أو نسائهنّ ، أو ما ملكت أيمانهنّ ، وإلى بيان جزاء الّذين يؤذون رسول الله (ص) في أزواجه وبيوته وشعوره ، وهدّدهم باللعن في الدنيا والاخرة ، ممّا يشي بأن المنافقين وغيرهم كانوا يأتون من هذا شيئا كثيرا.
ويعقّب السّياق على هذا بأمر أزواج النبي (ص) وبناته ، ونساء المؤمنين كافّة ، أن يدنين عليهن من جلابيبهن :
(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الآية ٥٩].