إرشاد النبي إلى ما يجب ستره
من نسائه وغيرهن
الآيات [٥٩ ـ ٧٣]
ثمّ قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) [الآية ٥٩].
فأمره سبحانه بأن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بأن يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ، ليعرفن بالعفّة فلا يطمع الفسّاق من المنافقين فيهنّ ؛ ثمّ هدّد أولئك المنافقين إن لم ينتهوا عن تعرّضهم للنّساء في الطّرق وغير ذلك من شرورهم ، بتسليط النبي (ص) عليهم ، فلا يجاورونه في المدينة إلّا قليلا ، ويحقّ عليهم التقتيل في كلّ مكان يصيرون إليه ، كما فعل ذلك بالذين خلوا من قبلهم ؛ ثمّ ذكر من شرورهم أنهم يسألونه متى يكون ما يوعدون به على سبيل الاستهزاء ، وأجابهم بأنّه سيكون قريبا ؛ وذكر ما يكون لهم من اللّعن والعذاب فيه.
ثمّ ختم السورة بنهي المؤمنين عامّة عن إيذاء النبيّ (ص) بمثل ما يؤذيه المنافقون به من الطّعن عليه ، بنحو ما سبق فيها ، حتّى لا يكونوا كالذين آذوا موسى (ع) بالطّعن عليه بما هو بريء منه ؛ ثمّ أمرهم بالتقوى والقول السّديد بدل الطّعن والفحش ؛ ونوّه بشأن الأمانة الّتي لا يراعيها أولئك الطاعنون بالزّور ؛ فذكر سبحانه أنّه عرض حملها على السماوات والأرض والجبال فأبين ذلك لخطر أمرها ، وأنّ الإنسان لم يشفق على نفسه من حملها لأنّه ظلوم جهول فلا يبالي بالتّهاون في أمرها ، ولأنّه يعاقب على تركها ويثاب على فعلها (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٣)).