المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «التكوير» (١)
إن قيل : لم قال الله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) والسؤال إنما يحسن للقاتل لا للمقتول؟
قلنا : إنّما سؤالها لتبكيت قاتلها ، وتوبيخه بما تقوله من الجواب ، فإنّها تقول : قتلت بغير ذنب ؛ ونظيره في التبكيت والتوبيخ قوله تعالى لعيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي) [المائدة / ١١٦] حتى قال ، كما ورد في التنزيل : (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) [المائدة ١١٦].
فإن قيل : لم قال الله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤) فأثبت العلم لنفس واحدة ، مع أن كل نفس تعلم ما أحضرت يوم القيامة ، بدليل قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) [آل عمران ٣٠]؟
قلنا : هذا ممّا أريد به عكس مدلوله ، ومثله كثير في كلام الله تعالى وكلام العرب ، كقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٢) فإنّ ربّ هنا بمعنى كم للتكثير ، وقوله تعالى حكاية عن موسى (ع) لقومه : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الصف / ٥] ؛ وقول الشاعر :
قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (٢) |
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
(٢). الفرصاد : ثمر التوت الأحمر.