المبحث الرابع
لغة التنزيل في سورة «المطفّفين» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١).
التّطفيف : هو البخس في الكيل والوزن ، لأنّ ما يبخس شيء طفيف حقير.
أقول : كأنّ المطفّف : هو الذي ينقص وضع الطفافة ، وهي الزيادة بعد الكيل وفاء لما نقص منه في أثناء الكيل ، وعلى هذا كان «المطفّف» من يمنع «الطّفافة» سرقة وغشّا ، محاباة للبائع الذي يكيل لمصلحته ، وكما يكون في الكيل يكون ذلك في الوزن.
ثم قال تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (٣).
والمعنى واضح ، والأصل : كالوا لهم ووزنوا لهم ثم حذف وأوصل.
٢ ـ وقال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (٧).
وقوله تعالى : (سِجِّينٍ) ، أي كتاب جامع هو ديوان الشّرّ ، دوّن الله فيه أعمال الشياطين ، وأعمال الكفرة ، والفسقة من الجن والإنس ؛ وهو كتاب مرقوم مسطور بيّن الكتابة.
٣ ـ وقال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (١٨).
وعلّيّون : علم لديوان الخير ، الذي دوّن فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثّقلين.
أقول : و «علّيون» مما ألحق بجمع المذكر السالم لا واحد له ؛ وهو ممّا يشير إلى أن هذا الجمع قد شمل طائفة
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.