المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «المطفّفين» (١)
قوله سبحانه : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١٥) استعارة ، لأنّ الحجاب لا يطلق إلّا على من يصحّ عليه الظهور والبطون ، والاستتار والبروز. وذلك من صفة الأجسام المحدثة ، والأشخاص المؤلّفة. والمراد بذكر الحجاب هاهنا ، أنهم ممنوعون من ثواب الله سبحانه ، مذودون عن دخول جنته ، ودار مقامته. وأصل الحجب المنع. ومنه قولنا في الفرائض : الإخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس. أي يمنعونها من الثلث ، ويردّونها إلى السدس. ومن ذلك أيضا قولهم : حجب فلان عن باب الأمير. أي ردّ عنه ، ودفع دونه. ويجوز أن يكون كذلك معنى آخر ، وهو أن يكون المراد أنهم غير مقرّبين عند الله سبحانه بصالح الأعمال ، واستحقاق الثواب. فعبّر سبحانه عن هذا المعنى بالحجاب. لأنّ المبعد المقصى يحجب عن الأبواب ، ويبعد من الجناب.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.