المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «الانشقاق» (١)
في قوله تعالى : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٤) استعارة. والمراد بها بعث الأموات ، وإعادة الرفات. فكأنّ الأرض كانت حاملا بهم فوضعتهم ، أو حاملة لهم فألقتهم ، فكانوا كالجنين المولود ، والثّقل المنبوذ.
وفي قوله سبحانه : (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧) استعارة. ومعنى (وسق) هاهنا أي ضمّ وجمع. فكأنه يضم الحيوانات الإنسانية إلى مساكنهم ، والحيوانات الوحشية إلى موالجها ، والطيور إلى أوكارها ومواكنها (٢) فكأنّه ضمّ ما كان بالنهار منتشرا ، وجمع ما كان متبدّدا متفرّقا. والأوساق مأخوذة من ذلك ، لأنها الأحمال التي يجمع فيها الطعام ، وما يجري مجراه ؛ ويقال : طعام موسوق أي مجموع في أوعيته.
وقد قيل : إنّ معنى (وسق) أي طرد. والوسيقة : الطريدة. فكأنّ الليل يطرد الحيوانات كلّها إلى مثاويها ، ويسوقها إلى مخافيها.
وقوله سبحانه : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) استعارة على بعض التأويلات. والمراد بها لتنقلبنّ من حال شديدة إلى حال مثلها ، من حال الموت وشدّته إلى حال الحشر وروعته.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). الموكن والموكنة : عشّ الطائر.