المبحث الأول
أهداف سورة «الطارق» (١)
سورة الطارق سورة مكية ، آياتها ١٧ آية ، نزلت بعد سورة البلد.
وهي سورة تشترك في خصائص سور هذا الجزء ، التي تمثل طرقات متوالية على الحس ، طرقات عنيفة قويّة عالية ، وصيحات بقوم غارقين في النوم ، تتوالى على حسّهم تلك الطرقات تناديهم : تيقظوا ، تنبّهوا ، انظروا ، تفكّروا ، تدبّروا : إن هناك إلها وحسابا وجزاء ، وعذابا شديدا ، ونعيما كبيرا.
وبين المشاهد الكونية ، والحقائق الموضوعية في السورة تناسق مطلق ، دقيق ملحوظ ، يتّضح من استعراض السورة في سياقها القرآني الجميل.
مع آيات السورة
[الآيات ١ ـ ٤] : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) : أي السماء ونجومها الثاقبة للظلام ، النافذة من هذا الحجاب الذي يستر الأشياء.
وقد كثر في القرآن الحلف بالسماء وبالشمس وبالقمر وبالليل ، لأنّ في أحوالها وأشكالها ومسيرها ومطالعها ومغاربها ، سمات القدرة وآيات الإبداع والحكمة.
و (الطَّارِقِ) : الذي يطرق ليلا ، و (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٣) هو النجم المضيء الذي يثقب الظلام ، ويهتدى به في ظلمات البر والبحر ، وهو الثريّا عند
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.