جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تشبع منه العلماء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يخلق على كثرة الرّدّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي قال فيه الجن لمّا سمعوه : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن]. من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن اعتصم به هدي الى صراط مستقيم».
[الآيات ١٥ ـ ١٧] : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧). إنهم هؤلاء الذين خلقوا من ماء دافق ، يمكرون مكرا شديدا ، ويتآمرون على إطفاء نور القرآن ، والله سبحانه يقابل كيدهم وتآمرهم بما يحبطه ويبطله ، وشتّان ما بين عمل الإنسان وعمل الواحد الدّيّان ؛ فالمعركة ذات طرف واحد ، وإن صوّرت ذات طرفين لمجرّد المشاكلة ، انهم يكيدون ... وانا الله أكيد كيدا. أنا المنشئ المبدئ الهادي الحافظ الموجّه المعيد المبتلي القادر القاهر ، خالق السماء ذات الرجع ، والأرض ذات الصدع ، أنا الله أكيد كيدا ، وفي هذا تهديد ووعيد للكافرين ، وبشارة للمؤمنين بأن الله معهم يدبّر أمرهم ؛ وإذا كان الله معنا فمن علينا؟
(فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧) لا تستعجل نزول العذاب بهم ، ولا تستبطئ نهايتهم ، بل أمهلهم قليلا ، وسترى ما يحل بهم من العذاب والنكال.
وفي الآيات إيناس للنبيّ (ص) وللمؤمنين ، وبعث للطمأنينة في قلوبهم ، وتأكيد لهم بأنّ عناية الله ترعاهم ، وأنّ كيد الكافرين ضعيف ، وأنّ العاقبة للمتقين : قال تعالى : (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) (٢٤) [لقمان].
مقاصد السورة
١ ـ إثبات حفظ الله للإنسان ورعايته له.
٢ ـ إقامة الأدلّة على أنّ الله قادر على بعث الخلق كرّة أخرى.
٣ ـ أن القرآن منزل من عند الله سبحانه ، وأن محمدا (ص) رسول الله.
٤ ـ تهديد الكافرين بالعذاب والنّكال.