المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الطارق» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الطارق بعد سورة البلد ، ونزلت سورة البلد بعد سورة ق ، وكان نزول سورة ق فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء ، فيكون نزول سورة الطارق في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) (١) وتبلغ آياتها سبع عشرة آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة إثبات حفظ الأعمال على كلّ نفس ، وما يتبع هذا من حساب وعقاب ، وبهذا توافق السورة السابقة في أنّها في سياق الإنذار أيضا ، وقد ذكرت بعدها لهذه المناسبة.
إثبات حفظ الأعمال
الآيات [١ ـ ١٧]
قال الله تعالى : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) فأقسم بهذا على أن كل نفس عليها حافظ من الملائكة يحفظ أعمالها ؛ ثمّ أمر الإنسان أن ينظر في بدء خلقه ليعرف أنّه (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧) ، يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي عظام الصدر والنّحر ، وليعرف أيضا أنه قادر على
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.