المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «الفجر» (١)
في قوله سبحانه : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٤) استعارة. والمراد بسرى الليل دوران فلكه ، وسيران نجومه حتى يبلغ غايته ، ويسبق في قاصيته ، ويستخلف النهار موضعه.
وفي قوله سبحانه : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) (١٠) استعارة. والمراد وفرعون ذي الملك المتقرّم (٢) والأمر المتوطّد ، والأسباب المتمهّدة التي استقرّ بها بنيانه ، وتمكّن سلطانه ، كما تثبت البيوت بالأوتاد المضروبة ، والدعائم المنصوبة. وقد مضى نظير ذلك. وقوله سبحانه : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) (١٣) هو من مكشوفات الاستعارة. والمراد بها العذاب المؤلم ، والنّكال المرمض. لأنّ السّوط في عرف عادة العرب يكون على الأغلب سببا للعقوبات الواقعة ، والآلام الموجعة.
وقال بعضهم : يجوز أن يكون معنى (سَوْطَ عَذابٍ) أي أوقع عذاب يخالط اللحوم والدماء ، فيسوطها سوطا ، إذا حرّك ما فيها وخلطه. فالسّوط على هذا القول هاهنا مصدر وليس باسم.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). المتقرّم : المتأصّل بالسيادة والمجد.