مع آيات السورة
[الآيات ١ ـ ٥] : أقسم الله تعالى بالملائكة ، الذين ينزعون أرواح الكفار إغراقا ، أي مبالغة في النزع ؛ وبالملائكة الذين يخرجون أرواح المؤمنين برفق ، فيسبحون في إخراجها سبح الغواص ، الذي يخرج الشيء من أعماق البحر ، فيسبقون بأرواح الكفّار إلى النار ، وبأرواح المؤمنين إلى الجنة ، أو يسبقون للإيمان أو للطاعة لأمر الله ، فيدبّرون ما يوكل إليهم من الأمور.
وقيل : أقسم الله تعالى بالنجوم ، تنزع في مداراتها وتتحرّك ، وتنشط منتقلة من منزل إلى منزل ، وتسبح سبحا في فضاء الله وهي معلّقة بهذا الفضاء ، وتسبق سبقا في جريانها ودورانها ، وتدبّر من النتائج والظواهر ما أوكله الله إليها ، ممّا يؤثّر في حياة الأرض ومن عليها.
وقيل : النّازعات والنّاشطات والسّابحات والسّابقات هي النجوم ؛ والمدبّرات هي الملائكة. وجملة القول : أن هذه أوصاف لموصوفات ، أقسم الله بها ، لعظم شأنها ؛ وكل ما يصدق عليه الوصف ، يصحّ أن يكون تفسيرا للآيات ، وهذا من إعجاز القرآن الكريم.
[الآيات ٦ ـ ٩] : اذكر يا محمّد يوم تضطرب الأرض ، ويرتجف كل من عليها ؛ وتنشقّ السماء ؛ ويصعق كل من في السماوات ومن في الأرض إلّا من شاء الله ؛ وهذه هي الرّاجفة أو النفخة الأولى في الصور ؛ يتبع ذلك النفخة الثانية ، التي يصحون عليها ويحشرون ؛ وهذه هي الرادفة (١).
قلوب الكافرين تكون يوم القيامة شديدة الاضطراب ، بادية الذّلّ ، يجتمع عليها الخوف والانكسار ، والرجفة والانهيار.
[الآيات ١٠ ـ ١٤] : يقول الكافرون المنكرون للبعث : أصحيح أننا إذا متنا راجعون إلى الأرض أحياء كما كنّا؟ أنعود للحياة بعد تحلّل أجسادنا في التراب؟ إن صح هذا فهو الخسران
__________________
(١). ورد هذا المعنى في سورة الزمر قوله تعالى ، في : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٦٨).