٤٠٧ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد الله الرّقاعيّ الأصبهانيّ ـ قدم علينا واسطا في جمادى الأولى من سنة أربع وثلاثين
__________________
ـ الْأَبْتَرُ) نزلت في العاصي ابن وائل السهمي حين رمى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه أبتر ، وذلك بعد ما مات ابنه الطيب المولود في الإسلام ، كما رواه ابن عساكر في التاريخ الكبير على ما في منتخبه ١ / ٢٩٣ ، والبلاذري في أنسابه ١ / ٤٠٥ وغيره في غيره ، فبعد ما ثبت بالإجماع عند أهل النقل أن فاطمة أصغر أولاد الرسول ، لا يكون ذلك إلّا بعد المبعث بسنين ، كما أن المراد بالكوثر المبشر به ، إنما يكون فاطمة لانقطاع نسل الرسول من غيرها ، وانتشارها منها ، والمراد من النحر العقيقة.
على أن ابن حجر هو الذي نص في تهذيبه ١٢ / ٤٤١ : أن عليّا تزوج فاطمة في السنة الثانية من الهجرة وكان سنها يوم تزوجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف وعلى هذا تكون ولادتها عام المبعث ، كما اختاره ابن عبد البر لا قبله بخمس سنوات.
ويؤيد ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعدها لعلي ثم زفّها إليه بعد سنة أو سنتين ، ولم يكن هذا التأخير إلّا لأن يتم لها تسع سنين على ما ترويه الشيعة من أهل بيتها ، بل وقد نص على ذلك رسول الله على ما أخرجه في الخصائص ٣١ ، وأحمد بن حنبل في الفضائل ، كما في تذكرة السبط ٣١٦ ط الغري و ١٧٣ ط إيران ، والخطيب في مشكاة المصابيح ٤ / ٢٤٦ ط دمشق ٥٦٥ ط لكنهو ، من طريق النسائي عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : خطب أبو بكر وعمر فاطمة فقال رسول الله : «إنها صغيرة» فهل تكون الفتاة وهي ابنة خمس عشرة أو سبع عشرة صغيرة؟
بل ولو صح ما يقولونه من أنها ولدت قبل البعثة بخمس ، لكان لها يوم زواجها عشرون سنة ، فكيف أخر رسول الله تزويجها إلى تلك السنة ، ولم أخر زفافها إلى سنة أو سنتين مع هذا الحد من سنها ، وهي قد جاوزت حد الزواج على رسمهم في تزويج بنات الأشراف ، كما نرى رسول الله زوج ابنتيه أم كلثوم ورقية من ابني عمه أبي لهب في صغرهما ، حتى أنهما يوم فارقاهما بأمر أبي لهب لم يكونا قد بنيا بهما لصغرهما.
بل وكيف لم يرغب أحد من أشراف الصحابة في زواجها ، فيخطبها من رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) بمكة وفي زواجها الشرف المؤبد؟
وكيف لم يخطبها أبو بكر ولا عمر ولا غيرهما قبل الهجرة ، وأخرا خطبتها ما بعد الهجرة ، وكيف يعتذر الرسول إليهما بأنها صغيرة وهي بنت عشرين؟
على أن ابن حجر وأمثاله كيف يحكمون بوضع هذه الأحاديث المتظافرة عن طرق الفريقين ، وقد تابع حديث بعضهم حديث بعض ، وإنما يستدلون على ذلك برواية ابن إسحاق ، فهل هذه إلّا رواية واحدة يخالفها هذه النصوص المتظافرة ، ويضادها الاعتبار الصحيح من القرائن التاريخية.
فمن القرائن ما روي من قول رسول الله : «فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وإنما سماها فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار» أخرجه الخطيب في تاريخه ١٢ / ٣٣١ ، والمحب ـ