الآية : ١٨ ـ قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
قال الكلبي : لما ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام ، فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان. فلما دخلا على النبي صلىاللهعليهوسلم عرفاه بالصفة والنعت ، فقالا له : أنت محمد؟ قال : «نعم». قالا : وأنت أحمد؟ قال : «نعم». قالا : إنا نسألك عن شهادة ، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك. فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سلاني». فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله. فأنزل الله تعالى على نبيه : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ). فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
الآية : ٢٣ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ).
اختلفوا في سبب نزولها :
قال السدي : دعا النبي صلىاللهعليهوسلم اليهود إلى الإسلام ، فقال له النعمان بن أدفى : هلم يا محمد ، نخاصمك إلى الأحبار. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بل إلى كتاب الله». فقال : بل إلى الأحبار. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وروى سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عباس قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدراس [أي المكان الذي يدرسون فيه] على جماعة من اليهود ، فدعاهم إلى الله ، فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد؟ فقال : «على ملة إبراهيم». قالا : إن إبراهيم كان يهوديا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فهلموا إلى التوراة ، فهي بيننا وبينكم» ، فأبيا عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
وقال الكلبي : نزلت في قصة الذين زنيا من خيبر ، وسؤال اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم عن حد الزانيين. وسيأتي بيان ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى [في بيان سبب نزول الآية ٤٤ من سورة المائدة].
__________________
(١) النيسابوري ٨٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ٤ / ٤٠ ـ ٤١.
(٢) النيسابوري ، ٨٢ ـ ٨٣.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ٤ / ٥٠.