المفردات
(الْعَصْرِ) اسم للدهر أي الزمن الذي يحياه الإنسان ، وقيل أقسم الله جلّ وعلا بصلاة العصر لفضلها ، أو أقسم بالعشي كما أقسم بالضحى.
(خُسْرٍ) هلاك لسوء تصرفه وكثرة آثامه.
(تَواصَوْا) تناصحوا وتعاهدوا.
(بِالْحَقِ) الواجب من فعل الطاعات وترك المحرّمات.
[الآيتان ١ ـ ٢] : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (٢) أقسم الله بالزمن وهو ماض لا يقف ، متغيّر لا يقرّ ، على أنّ الإنسان الذي يهمل إيمانه ومرضاة ربّه إنسان خاسر مهما كان رابحا من مظاهر الحياة ، لأنه قد خسر الجنة وخسر الكمال المقدّر له فيها ، وخسر مرضاة الله وطاعته.
[الآية ٣] : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣).
المؤمن يدرك أنه جسد وروح ، وهو ذو قلب وعقل ، وذو عواطف وجوارح ؛ وسعادته في نموّ هذه القوى نموّا متناسقا. وفي دور الخلافة الرشيدة للمسلمين تعاونت قوة الروح والأخلاق والدين والعلم والأدوات المالية ، في تنشئة الإنسان الكامل ، وفي ظهور المدينة الصالحة.
وكانت حكومة المسلمين من أكبر حكومات العالم قوة وسياسة وسيادة ، تزدهر فيها الأخلاق والفضيلة مع التجارة والصناعة ، ويساير الرقيّ الروحيّ التقدم المادي والحضاري.
وخلاصة السورة أن الناس جميعا في خسران إلّا من اتّصفوا بأربعة أشياء :
الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحقّ ، والتواصي بالصبر.
«وهذه السورة حاسمة في تحديد الطريق أنّه الخسر (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣).
طريق واحد لا يتعدد ، طريق الإيمان والعمل الصالح ، وقيام الجماعة المسلمة ، التي تتواصى بالحقّ وتتواصى بالصّبر ، وتقوم متضامنة على حراسة الحق ، مزوّدة بزاد الصبر.
إنه طريق واحد ، ومن ثمّ كان الرجلان من أصحاب رسول الله (ص) إذا التقيا ، لم يتفرّقا حتّى يقرأ أحدهما