إن كان على وجه التديّن والالتزام بتعيين العمل به من جانب الشارع وأنّ الحكم الشرعيّ الواقعيّ هو مضمونه ، لا مضمون الآخر من غير دليل قطعيّ يدلّ على ذلك ، فهو تشريع محرّم بالأدلّة الأربعة ، والعمل به لا على هذا الوجه محرّم إذا استلزم مخالفة القاعدة أو الأصل الذي يرجع إليه على تقدير فقد هذا الظنّ.
فالوجه المقتضي لتحريم العمل بالظنّ مستقلا من التشريع
______________________________________________________
الأوّل : (إن كان) ذلك العمل (على وجه التديّن والالتزام بتعيين العمل به) أي : بهذا الخبر المظنون (من جانب الشارع ، وإنّ الحكم الشرعي الواقعي هو مضمونه) أي : مضمون هذا الخبر (لا مضمون الآخر) المعارض له (من غير دليل قطعي يدل على ذلك) قوله : «من غير» ، متعلّق بقوله : «على وجه التدين» ، وقوله ، «ذلك» إشارة الى قوله : و «ان الحكم الشرعي الواقعي هو مضمونه» (فهو تشريع محرّم بالأدلة الأربعة) فان كلا من الكتاب ، والسنّة ، والاجماع ، والعقل ، دلّ على أنّه لا يجوز الاسناد الى الشارع بدونه وصول دليل منه.
الثاني : (و) إن كان (العمل به) أي : بالخبر الموافق للظنّ غير المعتبر (لا على هذا الوجه) أي : وجه التدين ، فهو (محرم إذا استلزم) العمل بهذا الخبر الموافق للظّن غير المعتبر (مخالفة القاعدة ، أو الاصل ، الذي يرجع اليه على تقدير فقد هذا الظّن) وذلك لأن الشارع أمر بإتباع الاصل ، أو القاعدة ، لا الخبر المخالف لهما حتى وإن كان هذا الخبر المخالف مظنونا.
وكيف كان : فلا يكون الظّن مرجّحا لأحد الخبرين عن الآخر ، وذلك لما أشار اليه بقوله : (فالوجه المقتضي لتحريم العمل بالظّن مستقلا من التشريع)