وإمّا رفع أثرها ، لأنّ الطّير كان يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع.
______________________________________________________
(وامّا) ان يكون المراد من رفع الطيرة : (رفع أثرها) أي : أثر الطيرة من التشاؤم بالشر (لأنّ الطّير كان) بسبب التشاؤم به (يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع) وأمرهم بالمضي في مقاصدهم ، بدون أن يتأثروا بالتطيّر ويتخذوا منه سببا لوقوفهم عن العمل الذي يقصدونه.
وهنا شيء آخر وهو : انّه لا يكون للطيرة تأثير في الخارج أيضا ، وذلك لأن للنفس تأثير في الخارج كما لها تأثير في البدن ، أما تأثيرها في البدن : فان كلا من النفس والبدن يؤثر في الآخر ، فاذا حزنت نفس الانسان سقم بدنه ، كما إذا سقم بدن الانسان حزنت نفسه.
وأما تأثيرها في الخارج : فقد ورد : «أنّ العين لتدخل الرجل القبر ، والبعير القدر» (١) مع وضوح : انّ العين حركة نفسية لا أكثر ولا أقل لكنها تؤثر في الخارج فتردي الذي وقعت عليه ، كما ورد : «لا تعادوا الأيام فتعاديكم» (٢) فانّ هذه الرواية مع قطع النظر عن تأويلها بالأئمة عليهمالسلام ، ظاهرة في ان نفس معادات الأيام توجب معادات الأيام للانسان ، فاذا تصور الانسان ان يوم الاربعاء ـ مثلا ـ نحس لعمل ما ، صار ذلك اليوم نحسا عليه.
وورد أيضا : «إنّ الرؤيا تقع على ما عبّر» (٣) وقد عبّر يوسف عليهالسلام الرؤيا الكاذبة بالصلب ، مع انه لم ير رؤيا في المنام ، بل فكر في نفسه شيئا وقال له
__________________
(١) ـ بحار الانوار : ج ٦٣ ص ٢٦ ب ١ ح ٢٩.
(٢) ـ الخصال : ص ٣٩٤ ، معاني الاخبار : ص ١٢٣ ، مستدرك الوسائل : ج ١٣ ص ٧٧ ب ١١ ح ١٤٨٠٤.
(٣) ـ وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٥٠٢ ب ٤٠ ح ٨٥٤٩ وح ٨٥٥٠ ، بحار الانوار : ج ٦١ ص ١٧٤ ح ٣٤ ب ٤٤.