وتوهّم ظهور هذا الخبر المستفيض في الاستحباب مدفوع بملاحظة أنّ الاقتحام في الهلكة لا خير فيه أصلا ، مع أنّ جعله تعليلا لوجوب الارجاء في المقبولة وتمهيدا لوجوب طرح ما خالف الكتاب في الصحيحة قرينة على المطلوب.
______________________________________________________
بقوله (وتوهّم ظهور هذا الخبر المستفيض في الاستحباب مدفوع) لوجهين :
الوجه الأوّل : (بملاحظة انّ الاقتحام في الهلكة لا خير فيه أصلا) فانّ قوله عليهالسلام : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» يدل على ان المراد ب «الخير» : الوجوب لا الفضل والاستحباب ، لأنّ الاقتحام في الهلكة لا خير فيه أصلا ، فالمراد : انّ تمام الخير وكل الخير انّما هو في الوقوف عند الشبهة ، فيكون واجبا ، مثل قوله سبحانه : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (١) فانّ ذهاب الكافر الى النار له كلّ الأولوية والتعيّن ، لا انّه أولى من دخوله في الجنّة.
الوجه الثاني : ما أشار اليه بقوله : (مع انّ جعله تعليلا لوجوب الارجاء في المقبولة) لقوله عليهالسلام : «فأرجه حتى تلقى إمامك ، فانّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» (٢) (و) كذا جعله (تمهيدا لوجوب طرح ما خالف الكتاب في الصحيحة) حيث قال عليهالسلام في صحيحة جميل : «فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه» (٣) (قرينة على المطلوب) الذي هو وجوب
__________________
(١) ـ سورة القيامة : الآية ٣٤.
(٢) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٧ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.
(٣) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٩ ح ١ وج ٢ ص ٥٤ ح ٤ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٩ ب ٩ ح ٣٣٣٦٨.