من أنّه لو كان هناك في الفعل مضرّة آجلة لبيّنها.
وثانيا : نختار المضرّة الدنيويّة ، وتحريمه ثابت شرعا ، لقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ،) كما استدلّ به الشيخ أيضا في العدّة على دفع أصالة الاباحة ، وهذا الدليل ومثله
______________________________________________________
جماعة قالوا بأصالة الاباحة في الاشياء مستندين الى قبح العقاب من غير بيان ، وقالوا (من انّه لو كان هناك) أي : في مورد الشبهة (في الفعل مضرّة آجلة) أي : أخرويّة (ليبيّنها) الشارع ، فحيث لم يبيّنها فلا عقاب.
وردّهم الشيخ : بامكان أن يكون محذور في بيان الشارع فقد أوكل الشارع بيانه الى العقل ، والعقل يدل على التحريم لكونه ضررا محتملا ، والضرر المحتمل يرى العقل وجوب دفعه.
(وثانيا : نختار) بان المراد من احتمال الضّرر في الشبهة (: المضرّة الدنيوية ، و) أنتم قلتم ان احتمال هذا الضرر وان كان محرزا بالعقل ، لكنّه لا يجب دفعه شرعا ، لأنّ الشارع أذن فيه بقوله سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) وبسائر أدلّة البراءة.
قلنا : ذلك ممنوع ، لأنّ (تحريمه ثابت شرعا ، لقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢) كما استدلّ به الشيخ أيضا في العدّة : على دفع أصالة الاباحة) فان الشيخ استدل لردّ القائل بأصالة الاباحة بآية : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) بناء على انّ التهلكة تشمل الدنيويّة والاخرويّة.
(وهذا الدليل) أي : الآية المباركة (ومثله) من الأدلّة الدالة على تحريم الشارع
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ١٥.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٩٥.