الرابع من الأدلّة :
حكم العقل بقبح العقاب على شيء
من دون بيان التكليف
ويشهد له حكم العقلاء كافّة بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما يعترف بعدم إعلامه أصلا بتحريمه.
ودعوى : «أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقليّ ، فلا يقبح بعده المؤاخذة» ،
______________________________________________________
(والرّابع من الأدلة) على البراءة في الشبهة التحريميّة : (حكم العقل بقبح العقاب على شيء ، من دون بيان التكليف) فإنّ المولى إذا لم يبين التكليف وجوبيا أو تحريما ، يقبح عقلا عقوبة المرتكب ، فعدم البيّان هو موضوع البراءة العقليّة (ويشهد له) أي : يشهد لحكم العقل هو (: حكم العقلاء كافة : بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما) أي : فعل الحرام الذي ارتكبه العبد ، ممّا (يعترف) المولى (بعدم إعلامه أصلا) أي : بعدم إعلام المولى العبد (بتحريمه) أي : بتحريم ذلك الفعل ، فاذا اعترف المولى : انّه لم يبين لعبده الحكم اصلا ، أو بينه لكن لم يصل إلى العبد ، ولم يوجب عليه الاحتياط ، فانّ العقلاء يرون عقاب المولى لمثل هذا العبد في ارتكابه للمحرم الواقعي قبيحا.
إن قلت : انّه حيث يلزم دفع الضرر المحتمل ، وعقل العبد يقول به ، فليحتمل العبد الضرر في ارتكاب شيء كان هذا الأمر العقلي بيانا فلو ارتكبه الا يقبح عقاب المولى له كما قال المصنّف : (ودعوى : انّ حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل بيان عقليّ ، فلا يقبح بعده) ، أي : بعد هذا البيان العقليّ (المؤاخذة)